طابور الحمير (قصة قصيرة)
طابور الحمير (قصة قصيرة)
دلف إلى المسجد فرمقه الجمع بعين الضيق و البرم,
خرج مبكرا لكن طريقه الشاق و الطويل على غير العادة استغرق كثيرا من وقته.
أشار إليه بعضهم بحزم ليتقدم لكنه آثر أن يصلى
ركعتين تحية مسجد, تذكر زكى رستم و هو يتصنع الصلاة في (رصيف نمرة خمسة) فتراقصت
على شفتيه ابتسامة ماجنة , صلى أطول صلاة في
حياته ثم سلم ليجد حوله صديقاه يحثانه على النهوض فاستسلم و سار معهما حتى تركاه
فاخترق إلى منتصف الدائرة .
جذب الشيخ يده و ألقاها في يد مواجهه الذي أطبق
عليها بعنف فألقى فوقهما الشيخ منديلا , تلفت حوله فرأى أصدقائه أشباح و خيالات ,
لم يستطع أن يدرك هل العيب بعينه أم بهم , نكزه المأذون فانتبه له ,تبسم المأذون و
قال :
-
ردد خلفي يا أستاذ عربي .....باسم الله و الصلاة و السلام
على رسول الله فأني...اطلب منك أن تزوجني ابنتك أمل.... الآنسة البكر البالغة الرشيدة لنفسي على كتاب
الله و على سنة رسول الله (ص) على الصداق المسمى بيننا و أعاهد الله على حسن
المعاشرة و كرم المعاملة و أن آمرها و نفسي بتقوى الله و المحافظة على الصلاة.......
مع كل حرف تراقص على لسان المأذون كانت دهشته
تتعاظم حتى تحولت إلى خوف ثم ذعر., شعر بألم و حرارة شديدين في أذنيه ,إصابته نوبة
هلع حين عجز عن السمع , عاودته حاسة السمع فارتاح قليلا لكن راحته لم تكتمل ,
جاءته الكلمات مبهمة ثم أضحت أشبه بالنهيق حتى صارت نهيقا , كان حديث المأذون
نقيها و حديثه نهيقا و حديث وكيل العروس
نهيقا .
كان الرعب يتآكله , حاول النهوض ... حاول
الهرب .... لكنه فشل ... شعر بألم مفاجئ في ظهره و مؤخرته ... تحسس خلسة خلفية بنطاله .... شعر بشئ صغير ناتئ من عصعصه
, لم يعر اهتماما بمن حوله .... امسكه .... حاول نزعه ففشل .... ألجمته المفاجأة
حين تحرك ... انهمر عرقه سيلا.... حاول الصراخ لكن فمه عانده .... حاول الهرب
مجددا لكن قدماه لم تسعفه .
رفعه المهنئون على قدميه و قدموه التهاني....
كانت التهاني نهيقا لكنه أدرك كنهها , لكن أكثر ما أدهشه أن مهنئيه كانوا حميرا
يرتدون بزات ... تحسس أذنيه فوجدهما طويلتان مشعرتان... جذب احداهما فوجدها أذن
حمار ... سمع تمزق بمؤخرة بنطاله ...
أخيرا تحرر ذيله و صار حرا كبيرا كمن حوله
.
شاهد حمارا يشبه خله سيد يبتسم في سعادة ثم
هجم عليه و احتضنه بحميمة بدت عنيفة, نهق في وجهه – أهلا بك حمارا ضمن طابور الحمير.
بدا تائها شاردا مصدوما زائغ العينين فسأله
سيد عن السبب فلم يجبه... نكزه فلم يجبه ... بدت علائم الرعب تتجلى على وجه سيد فصار يهزه في عنف حتى استفاق من غيبوبته.
فتح عينيه مجددا.... لمح وجه أمه .... جالت
عيناه لوهلة بالمكان فرأى غرفته و فراشه... أدرك أنه كان في خضم كابوس مرير .... كان
الفراش غارقا في عرقه ... جذبته أمه من فراشه بقسوة مصطنعه كي يذهب للحلاق قبل إشهار
عقد قرانه
لمح على نضد مجاور كومة فواتير فاستلقى مجددا
في فراشه ... بعد حين استغفر الله و نهض متثاقلا ... تردد بجوفه صوت ....
فليسامحني الله عما فعلته بنفسي .
تعليقات