شرطة (2) مظاهرة (قصة قصيرة)

-->
كان ذلك أسعد صباح فى المدرسة الابتدائية  , و لما لا و قد طالبنا الناظر  والمدرسون بمغادرة المدرسة عقب الحصة الأولى , لم ندرى ما السبب و لكننا كنا نحلق من فرط السعادة .
-->
من بعيد جاءتنا هتافات خفيتة مع ارتفاعها ارتجت الأرض من تحتنا , غاب عنا سعيد النمام ثم عاد ليخبرنا عن مظاهرة قادمة من الثانوية باتجاهنا .... قال انهم يتحدثون عن قتل الحكومة لعسكرى , لم نفهم ماذا  كان يعنى و أشك أنه كان يعى ما يقوله .
-->
عندما حاذونا ميزت هتافهم (( المعقول المعقول إن سليمان مات مقتول))

اندفع طلاب مدارس الصنايع و الاعدادى بغتة الى الشارع و التحموا بأقرانهم من الثانوية مشاركين فى الهتاف ((سليمان خاطر قالها في سينا قال مطالبنا وقال أمانينا))

-->

انضم زملائى الى المظاهرة ربما بدافع الفضول و ربما التسلية , و بقيت مع البعض على الرصيف أتجمد رعبا دون سبب مفهوم .

بعد دقائق دوت صافرات الشرطة متبوعة بسيارات الامن المركزى من حاملات الجند , الا أن ذلك لم يدخل الرعب فى قلوب الطلبة فبقوا يهتفون فى تحد للشرطة .

-->

نزل من سيارة الشرطة ضابط كبيرثم رفع بنطاله ليغطى كرشه الضخم ثم رسم على فمه ابتسامة اصفر لها الكون و خطب الطلبة , كان خطابه يجمع بين الترغيب و الترهيب منهيا حديثه  بترك الفرصة لهم للرحيل خلال خمس دقائق فاقشعر بدنى.

-->

لم يغتنم الطلبة الفرصة و ظلوا ينشدون هتافاتهم فى تحد , مع نهاية المهلة أعطى الضابط أوامره ففتحت أبواب حاملات الجند ليهبطوا مسرعين الى الطلبة معززين بعساكر المركز .

 

ازالت غزيرة حب البقاء قيود الرعب من قدمى فجريت , كنت أسمع صرخات متلاحقة و صوت عصى تتحطم فوق سواعد و هامات حتى فرغ  مخزون الشجاعة من الطلبة ففروا , تبعنى بعضهم الى زقاق وسط مطاردات العسكر و المخبرين , أحاط مخبران بى و بطالب من الهاربين , لم يبديا اهتماما بى و شرعا فى الامساك بالطالب , لكنه كان قويا فدفع أحدهما بقوة فارتطم رأسه بالجدار بعنف فسقط مغشيا عليه , اخرج زميله عصا و حاول ضرب الطالب الا انه استخلصها منه و اطاح بها بعيدا , اسقط فى يد المخبر  فاخرج مسدسه و وجهه للطالب كى يستسلم , برك الشاب فاقترب منه المخبر موجها له سبابا قذر , اندفع الشاب فجاءة و حاول استخلاص المسدس , بدا انه اقترب من ذلك الا أن المخبر استمات على المقبض ثم انطلق صوت مفزع و سقط الطالب و تدفق الدم غزيرا من جسده , ابتسم بوهن و أشار للمخبر و هو يقول 

-->

- أصدقاء الاسرائيلين .

-->

طغت على عينيه لمعه متزايدة حتى صارت كنجم فى ليل بهيم ثم خبت  سريعا كما لو انها هوت الى قاع سحيق و سكن الجسد , كان المخبر متحجرا و كان عرقه المنهمر غزيرا يتحدى برودة الشتاء القارص فى يناير , تنبه و التفت الى و صرخ فى فرفعت رأسى و نظرت اليه للمرة الأولى وغرقت فى الدهشة, كان المخبر جارنا عم عمر , كنت ابكى طوال الوقت دون أن أدرى و لم اعرف هل أتوقف ام استمر فى بكائى , كان عم عمر يملأ جيبه بالحلوى دوما ليوزعها على أطفال الشارع , إلا أن الرجل الذى كان أمامى كان شديد الاختلاف عنه , نظرته كانت أقسى و صوته اشد عنفا و رهبة .

-->

انضم الى أخى طالب الاعدادية و كأنه جاء من الهواء و أشار عليه بالتوقف و إلا أخبر أبى , لم يبد على المخبر الاكتراث و رفع فوهة المسدس باتجاهنا فأغمضت عينى و شرعت فى البكاء منتظرا عودة الصوت المفزع الا ان الوقت مر و لم يحدث فتحت عيونى فلمحت المخبر يعدو هاربا حاملا زميله فيما جاء من الجهة الاخرى رجال يستطلعون الخبر بعدما سمعوا اطلاق النار , كان أخى ينتفض بعنف رعبا الا انه اشار الى الجهة الاخرى من الزقاق و قال

– الحقوا المخبرين قبل ان يهربا  .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنادى(قصة قصيرة )

طابور الحمير (قصة قصيرة)