المنادى(قصة قصيرة )
ترنح جسده الضئيل على إفريز السيارة ,جمع أشعة الشمس و أودعها عينيه ,عبثت الريح بوجهه فأكلها بأنفه , تحرك لسانه الصغير بسرعة فائقة مناديا على ركاب جدد . كان عددنا مكتملا حين انطلقت بنا السيارة لكنه ود لو ضاعف عددنا , كان عفريتا لم يبلغ التاسعة ... لا يتورع عن الصعود على ظهر العربة و المشي عليه فكأنما يمشى على الأرض ..... يعرف كل حانوت على الطريق و كل من على الطريق يعرفونه , البذاءة تنضح منه قبل أن ينطقها ,ثيابه ممزقة... قذرة و متربة تظهر بعضا من بطنه للشتاء قارص البرودة , و برز من أنفه مخاط أزرق فبدا منظره مقززا و مثيرا للغثيان , كنت بحكم قربى من باب العربة اسمع سعاله المريع الذي كان لبرودة الفجر دور رئيس فيه . كان يعشق الجدال و إفحام محدثيه, لا يتنازل عن مليم من الأجرة إلا إذا تنازل السائق عنه. دلف إلى الداخل عندما أوشكت العربة أن تخلو من قاطنيها و تأكد أنها لن تستقبل ركابا جددا , أخرج من جيبه سيجارة , نظر إليها في تلذذ و سعادة , طلب قداحة من جارى , أشعلها ... نفث دخانها فكأنما ينفث عن صدره همومه .... دنياه الموغلة في الكآبة. كنت أعرف أن وراء الفت