ملك (قصة من رحم التجربة )
على شواطئ الانتظار و الأمل تدهمني فتغرقني
موجات يأس في بحار معتمة بلا قيعان فأنتفض فزعا و أقترب من الباب الخشبي بنافذتيه
الزجاجتين المستديرتين فلا أرى شيئا, أرهف سمعي فأختنق من الصمت.
مرت مائة عام و أنا جالس كناسك فوق قمم الجبال
بلا أنيس, مرت مائة عام و أنا أغالب هواجسي و شكوكي و خوفي بأملي و ترقبي..... مرت
مائة عام أو أظن .
تنقشع غيامات الصمت من سماوات أذني فأسمع صوت لكنني أضمه إلى سجن خيالاتي حتى فتح الباب الخشبي و خرجت منه شابة ببسمة
متكلفة و وضعت بين يدي لفافة و تمتمت – كل
شئ على ما يرام .
تتلقف النسوة من حولي اللفافة فألمح بسماتهم و
همستهم لكنني لا أكترث فمازلت في انتظار الغائب.
مر على قرن جديد حتى انفتح الباب الخشبي فبدا
الوجه البض المستدير مصفرا و رغم قسوة شتاء ديسمبر تلألأت على الجبين
الأبيض بضع قطرات عرق عملاقة .
مرت نصف ساعة هامسة صامتة حتى أفاقت و فتحت
عينيها بصعوبة فذاب الخوف, و اقتربت إحدى النسوة منها حاملة اللفافة و مالت عليها فابتسمت
زوجتي بصعوبة و اكتسى وجهها بلون وردى طارئ.
حملقت في اللفافة فتنبهت المرأة و وضعت
اللفافة من جديد بين يدي و ذكرتني بالآذان ففضت أغطيتها و أدركت من النظرة الأولى أنني
هالك في حبها.
بعد الآذان لم أفلتها رغم محاولاتهم , كنت
أشعر بها تمسك قلبي بين راحتيها التائهتين بين ثيابها و روحها الحديثة تعانق روحي
فتغسلها ببراءتها , كنت أشعر بها تبعدني عن أحبتي الواحد تلو الآخر لتستأثر بمحبتي
فتنزع أمها ....أخوها... أختها عن عروشهم .
تنبهت حانقا على سؤال لحوح
-
ما اسمها ؟.
-
ملك .
ضحك الحضور و علقت واحدة – ملك روح .
جاهدت كثيرا حتى تصنعت بسمة أخفت سخطي و أنا
أقول
-
قطعا لا ..... بسم
الله الرحمن الرحيم ((قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ
وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا
مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا
تَتَفَكَّرُونَ ))
أدخلتني الآية الكريمة في حوار حولها لبعض دقائق أنهته لمسة من كف ملك
الضئيل لأصبعي فعاودنا الانعزال عن الكون .
تعليقات