توحش ألزهايمر (قصة قصيرة )
تحسس طريقه في الظلمة , و تسللت يده بمهارة إلى
القابس و ضغطت عليه فغمر الضوء البهو , ألقى مفاتيحه على زجاج الطاولة فأحدث جلبة
, كان الجوع و التعب ينهشانه إلا أنه نادي على زوجته كي لا يأكل بمفرده , كرر
ندائه أكثر من مرة إلا أنها لم تجبه , بحث عنها في غرف المنزل فلم يجدها ... أين
ذهبت في تلك الساعة المتأخرة نسبيا من الليل ؟!! , أنقذته النتيجة من حيرته ... اليوم هو الجمعة.... كيف غفل عن هذا ؟!! , فزوجته لم تتغيب عن الذهاب إلى منزل أسرتها جمعة واحدة منذ
زواجهما .... مهما حدث لم تتغيب .... لو حدثت براكين و زلازل و فيضانات الدنيا لن تتغيب.
لم يكن زواجهما بخير على الدوام .... ككل زواج....
به الكثير من الفرح و الحزن .... الضحك و البكاء... العشق و الشجار... كثيرا ما
تمنى أن تختفي من أمامه.... و لما كانت تتغيب كان يتوحشها.
البعض قال أن توحشه لها هو الحب... و آخرون
قالوا أنه الاعتياد .... و كثيرون قالوا أن الحب اعتياد و عشرة.... و العشرة أقوى
مراحل الحب بعد الزواج .
نصحه بعض أصدقاء المقهى أن يتزوج , لكن لا
يفهم كيف يتوهم الرجال التعساء مع زوجة أنهم سيكونوا في راحة مع زوجتين .... ثم
انه صار كهلا و لم يعد له من الشهوة في النساء ما يعد أو يذكر , و نصحه آخرون
بالذهاب إلى الطبيب لكنه لا يذكر سببا لطلبهم ذلك .
عضه الجوع فأسرع إلى المطبخ بحثا عن طعام وجده مغطى و مجهز على طاولة , جذب مقعدا ثم نزعت يده المعروقة الغطاء و شرع في
قتل جوعه ..... داخله شعور بالامتنان و الشوق لزوجته التي لم تنسه حتى في غيابها و
تمنى أن يطبق عينيه و يفتحها فيجدها ماثلة أمامه.
رن الهاتف بغتة فانتفض هلعا .... كان يكره
رنين الهاتف في المساء فغالبا ما كان يحمل أخبارا محزن.... لكن في أي حجرة وضع
الهاتف ؟!!!!.
تتبع مصدر الصوت حتى وجده في غرفة نومه, التقط
السماعة.... كانت ابنته تطمئن على أن الخادمة رتبت المنزل و أعدت الطعام .
أغلق الهاتف و تمدد على السرير و بداخله
اضطراب عظيم .... هل لديه خادمة ؟!! .... عاود النظر إلى الهاتف يستنجده فلمح
بجواره صورة صغيرة لزوجته و عليها شريط قماشي أسود .
تعليقات