عربي الهجان ) (قصة قصيرة )
عزيزي القارئ هناك شئ هام أود إخبارك عنه قبل
القراءة , هذه التدوينة لم يشكل خيالي أي جزء منها و إنما شكلها واقع عشته لحظة بلحظة
.... نصيحتي قبل البدء .... ابحث عن
موسيقى رأفت الهجان و استمع إليها أثناء القراءة.
تنبيه هام..... هذه المدونة ستنفجر بعد
مائةعام أو تزيد.... .
كان صباحا باردا اختفت فيه الشمس خلف قضبان
الغيوم الرمادية فيما كانت سيارتنا تخب الخطى نحو القاهرة.
لم تدم جولتي في المتحف المصري كثيرا كالمعتاد,
و الفضل يعود في ذلك إلى صديقي حامد الذي رأى أن روايتي عن مباهج زيارة المتحف
تختلف تماما عما عايشه من واقع, رغم إقراره بالسرور لرؤية مئات الأفخاذ و الأذرع و
الصدور العارية البيضاء.
كيف أشرح له ولعي بحضارتنا الفرعونية ....
لاشئ أفضل من ردى على هولندية سألتني عن الأفضل في المتحف من وجهة نظري , فقلت لها
خفاف الملك و رعاياه ,ضحكت و سألتني ساخرة عن السر وراء اختياري فابتسمت بدوري
ساخرا و قلت لها قبل ما يزيد عن سبعة آلاف عام كان شعبي ينتعل خفافا فيما كنت
تهيمون حتى القرون الوسطى حفاة , لكن هل يمكن لحامد أن
يفهم مقصدي .... أشك .
جلسنا على حافة النافورة بباحة المتحف , يبدو
أن الحظ كان حليفنا عندما اخترقت الشمس غيوم فبراير و صار الجو ألطف بفعل أشعة
الشمس الدافئة
فامتلأت حواف النافورة بالبشر .
أراد أن يدخن سيجارة فأوكل لي بحكم معرفتي
بالانجليزية سؤال جارنا عن كبريت , فسألته بلغة انجليزية لكنه أجابني بالنفي ثم
تابع بلهجة مصرية بأن لديه قداحة, تأملته كأنني أراه للمرة الأولى ... كانت ملامحه
خليط بين المصرية و الأفريقية... لكن كل ذلك كان يختبئ خلف ملابسه الأوربية و شعر الأجدع
المعقوص على هيئة ذيل حصان , سألته من جديد عن نفسه فاندفع يحكى .... سيد من الأقصر
, بعد حادث الأقصر الارهابى تزوج انجليزية و يعمل الآن في شركة سياحة مع زوجته التي كانت
تجلس أمامنا على العشب تحت أحد الأشجار و تجرى بعض التمارين السويدية , قادم مع
فوج نرويجي للقاهرة , بدا الأمر غريبا من منظوري ...ما علاقة انجلترا بالنرويج لكنني
صمت و ركزت على زوجته التي كانت تحدق في باستمرار و تتلوى في حركات غريبة كانت
تأخذ منحى اغوائى في بعض الأحيان .
التقط سيد طرف الحديث و اندفع يسألني بلا توقف...
عن وظيفتي فأجبته ... عن مرتبي فضاعفته ثلاث مرات فأبدى امتعاضه من قلته فدافعت عن
نفسي بانخفاض الأسعار فذكر راتب زميلي الانجليزي فقاومت إغماءة , سألني إن كنت أود
العمل فقلت له يا ليت لكن الأمر صعب ففاجئني بأنه يمكنه تسهيل ذلك .
توقفت عن النظر إليه وصارت حواسي موجهة كلية إلى
زوجته الماجنة التي تحولت إلى سكب الماء على جسدها شبه العاري و تحسسه بيديها , مع
التغيرات بجسدي تأكدت أن داروين كان مخطئا فالإنسان أصله ذئب مفترس خاصة إن كان عازبا
.
تحدث سيد كثيرا لكنني لم أعقل من كلامه الكثير
لكنني شاركته الضحك حتى سألني
- هل توجد نوادي ليلة تذيع أغان عبرية .
بدا سؤاله كنداء اليقظة فانتفضت مفزوعا, خلت
أن العيب بسمعي فسألته – ماذا قلت؟
أعاد سؤاله مجددا فتيقنت أن سمعي سليم , تنبهت
إلى اللكنة التي بلهجته المصرية لم يكن مردها إلى معيشته في انجلترا و إنما هي
لكنة عربية , نظرت إلى حامد لعله يغيثني إلا اننى وجدته يدخن في تلذذ سيجارة استعارها من سائحة فالتفت إلى
سيد وقلت له
- لا.... ليس على حد علمي .
- هل تحب إسرائيل ؟
- لا .
كان سؤاله مباغتا إلا أن ردى السريع كان صاعقا
له فبدا على وجهه غيوم الغضب و اليأس و هو يتمتم
- مضطر للرحيل... سعدت بلقائك .
لمحته يغمز لزوجته اللعوب فانتفضت ملسوعة و
سارت معه حتى اختفيا عن الأنظار, بدا الأمر لي أشبه بفرح انقطعت فيه الكهرباء,
جلست لبعض الوقت أفكر هل يعقل... هل أتوهم .... هل هو مصري .... اسرائيلى ؟ ....
لست أعلم .
تعليقات