شرطة (3) أبى و أمى الفراعنة
كان باسم بجسده القصير و مؤخرته المتضخمة أضوحكة الثانوية , لم يكن ذلك بسبب جسده غير المتناسق , و انما مرده الى كذبه الدائم و تصنعه لموهبة التمثيل .
كان يحدثنا عن سميحة أيوب كما لو كانت أمه , و كيف ان العملاق
محمود مرسى أخبره أنه يراه امتدادا لميراثه الفنى , و عن ادواره المتوالية فى ورش و مسرحيات الهناجر , و كنا نضايقه حين ندعى و نسأله مستفسرين
- الخناجر ام الهناجر .
فى كل مرة كان يقفز منتفضا لاعنا جهلنا و سخافتنا , فى كل مرة كنا نضحك و نحن نسمع سبابه لنا و هو يغادرنا , و عقب كل مرة كان يعاود المجئ و الحكى رغم انه كان يقسم فى كل مرة انها الأخيرة .
حتى جاء يوم تملك فيه الوهم و التصنع من باسم فكتب على اللوح
- اليوم سقط الطاغية المحجوب مضرجا فى دمائه , فهنيئا للشعب .
لم يكن لباسم اى ميول سياسية و هو ما أثار دهشتى , بضع دقائق و كان الفصل قد إمتلا بالمدير و الناظر و الوكلاء , كان الذعرجليا على الجميع و هم يتسابقون لمسح ما كتبه , ثم انفض السامر سريعا و خرج الجميع و باسم معهم .
غاب عنا باسم فى اليوم التالى ثم الذى يليه و الذى يليه , قال بعض العالمين أنه يعذب بقبو أمن الدولة, و أنه سيعود لأنهم يعلمون أنه احمق لكنهم يرسلون عبره رسالة للجميع كى يلزم الصمت .
غاب عنا باسم فى اليوم التالى ثم الذى يليه و الذى يليه , قال بعض العالمين أنه يعذب بقبو أمن الدولة, و أنه سيعود لأنهم يعلمون أنه احمق لكنهم يرسلون عبره رسالة للجميع كى يلزم الصمت .
ثم عاد بعد شهر أشعث الرأس و بوجهه كدمات , أمسك الطبشور و كتب على اللوح
- أعتذر لكل من ساءهم حديثى عن شهيد مصر العظيم , رحمه الله و اسكنه فسيح جناته .
اتجه باسم الى مقعده و جلس دون ان يحدثنا الا انه سرعان ما هب قافزا من مقعده كالملدوغ و عاود الكتابة
- أبى و أمى الفراعنة .
لم نفهم المعنى و رغم محاولاتنا المستميتة لكى يخبرنا بما قصد و بما حدث طيلة غيابه إلا انه جلس فى مقعده صامتا فى رعب و كلما مر المعلم من خلفه حمى قفاه .
تعليقات