لماذا لا تعدد؟!!! (1)


ذلك الصباح يممت وجهي نحو القاهرة  مستقلا إحدى سيارات الأجرة , كنا رجالا إلا امرأة يافعة جلست أمامي بجوار زوجها أو خطيبها

مع بداية الطريق أدار لنا السائق - الذي كنا نناديه شيخا لطول و كثافة لحيته – شريطا لأحد كبار شيوخ السلفية و هو يرمقنا بعين متفحصة.
حدثنا الداعية عن ضرورات التعدد و التزاوج بأكثر من واحدة, قال أن النساء كالفاكهة ستمل من الموز و التفاح إن أكلته طيلة حياتك.... قال إن الله أباح التعدد فلماذا لا نستغل حقنا نحن معشر الرجال و نتزوج بأربع.

الحق أنه في بادئ الأمر أيقظ حديث الشيخ الذئب الكامن بداخلي و تخيلت نفسي ألهو وسط النساء بمخدعي , لكن عقلي سرعان ما أعاد ذئبي لغفوته و تنبهت لشيخ يقارن الزواج بأكل الفاكهة , تنبهت إلى شيخ يخبرني بأنه على أن أكون طماعا و ألا أترك حقي و أتزوج  بأربع .
كانت المرأة تشاركني الرفض فكانت تتهامس غاضبة مع رفيقها الذي طالب السائق الشيخ دون جدوى بغلق الشريط تارة و خفض صوته تارة أخرى.

و حاولت المرأة بدورها معه إلا أن السائق  حدق فينا عبر المرآة و أخبرنا بحزم أن السيارة سيارته و من لا يعجبه فليترجل  ,فحولت المرأة تركيزها إلى رجلها , كنت أستمع إلى  همسهما الحاد , كانت تحثه على الدخول في جولة أخرى مع السائق لكنه رفض و بات من المتعذر عليها أن تقنعه فهددته إما إجبار السائق على إيقاف الشريط أو الترجل .

كانت المرأة مرتاعة من حديث الشيخ و داخلها يقين بأن رجلها حتما سيتأثر بحديث الشيخ عاجلا أم آجلا , فيما بدا الرجل المحرج كجندي محاصر بين عدوين الصدام مع أحدهما مميت , فإما الشجار مع السائق المتعصب و إما الشجار مع خطيبته التي كانت تحثه بنظرات حازمة على التحرك , كان وجهه العابس المفكر يخفى فكرة حانقة
(( لو كنت زوجتي لنهرتك بنظرة... صبر جميل ))
كنت أتعاطف معه و مع بؤسه لكن بسمة لا إرادية كانت تسيطر على وجهي و أنا أرقبه في محنته التي لبث فيها بضع دقائق ثم تراقص على فمه  شبح بسمة و ارتاحت ملامحه من تشنجها و هو يبحث بجيوبه عن سماعة الهاتف  ثم وضعها في أذنه فهدأت المرأة و ضحكت و تغامز الركاب .     



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنادى(قصة قصيرة )

طابور الحمير (قصة قصيرة)