لا رحمك الله يا عبد الحميد

توقفت في منتصف الطريق لتسأله بدلال
-         كيف تحبني ؟
تدفقت البشاشة على وجهه و هو يقول:
-         أنت نور عيوني .



تابعت مسرورة
-         هل تسمع في كيد الحاقدين ؟
نظر إليها مليا ثم قال
-         أذني لا تسمع إلا تغريدك.
 غالبها الطمع في زيادة الرضا فعاودت السؤال ضاحكة
-         هل تهجرني و ترحل ؟

صر على أسنانه راسما بسمة بلهاء على وجهه و هو يقول
-         كيف أتركك و أنت ساقي اللتان أخوض يهما غمار الحياة.


أرادت أن تهجم عليه و تحضنه و تغمره بالقبلات, ما أعذب حديثه و ما أروع بسمته و ما أجمل حبه, تنهدت و تأملته طويلا ثم تجهمت و قالت

-         هل تهزأ بى ؟! أنت لا تبصر أبعد من متر و لا تسمعني إلا عندما أصرخ و لا تمشى إلا مستندا على عصاك و ساعدي, فهل حقا تحبني ؟!! أشك .

حافظ على هدوئه رغم غضبه و برمه و هو يقول
- أسرعي و ضعي طاقم الأسنان في المطهر و عودي إلى الفراش قبل ينهش البرد عظامك .

رغم شعور بالامتنان لها لشعوره بالدفء المتدفق من جسدها الملتصق به إلا أنه تمتم بضيق
-         عجوز نكده .

سألته عما قاله فأجابها بخذلان – لاشئ .
تلك الليلة لم ينم الشيخ مباشرة كعادته و غرق في بحر متلاطم من الذكريات , لكن توقف عند صديقه المرحوم عبدا لرحيم الذي كان السبب في اقترانه بتلك العجوز , كان يحبه كأخيه إلا أنه شعر بلهب دافق يندفع من معدته إلى فمه فزفر بعنف و همس رغما عنه
- لا رحمك الله يا عبدا لحميد  . 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنادى(قصة قصيرة )

طابور الحمير (قصة قصيرة)